الثلاثاء، 18 يوليو 2017

ما تيسر من سيرة الشيخ العلامة محمد حسين فقيرة رحمه الله


ما تيسر من سيرة الشيخ العلامة محمد حسين فقيرة رحمه الله

كتب : احمد: حسن عياش يعقوب **
انتقل إلى رحمة الله وعفوه وغفرانه مساء أمس الاثنين ٢٣ شوال سنة ١٤٣٨هـ ، الموافق ١٧ يوليو ٢٠١٧م شيخنا العلامة الحجة المحدث الفقيه الأصولي الفرضي الزاهد محمد بن حسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن عيسى فقيرةمفتي الأحناف خاصة ومفتي جميع المذاهب عامةبعد أن قضى من عمره ثمانين عاما وسبعة أشهر بالتمام في خدمة العلم وتدريس علوم الشرع الحنيف ، حيث كانت ولادتهرحمه اللهبحارة الهنود من مديرية الحوك / محافظة الحديدة في ربيع الأول سنة ١٣٥٨هـ ، الموافق مايو سنة ١٩٣٩م .
نشأته :
نشأ وترعرع في كنف والده الفقيه العلامة حسين بن إسماعيل فقيرة ، الذي بدأ تلقيه عنه في مبادئ العلوم ، والتحق بالمدرسة السيفية ، فدرس بها حتى أنهى دراسته فيها .
مشايخه في علوم الشرع واللغة :
مشايخه الذين قرأ عليهم وأخذ عنهم واستجازهم فأجازوه كثيرون ، منهم :
* شيخ الإسلام العلامة القاضي محمد بن علي مكرم طسي المتوفىرحمه اللهسنة ١٤٠٨هـ ، قرأ عليه في معظم علوم الشرع واللغة وتخرج على يده .
ومن جملة ما قرأه عليه متن أبي شجاع في فقه الشافعية ، ولم يتمه ، ثم قرأ عليه في متن نور الإيضاح في الفقه الحنفي حتى أتمه ، ثم قرأ عليه في ملتقى الأبحر في فقه الحنفية حتى أتمه ، ثم قرأ عليه في القدوري في فقه الحنفية أيضا حتى أتمه ، وقرأ عليه من كتب اللغة متن الأجرومية ، ومتممة الأجرومية ، وقطر الندى لابن هشام الأنصاري ، وقرأ عليه من كتب الحديث سبل السلام لابن الأمير الصنعاني ، وغيره .
وأجازه إجازة عامة في كل ما تجوز له روايته ودرايته .
* شيخنا العلامة القاضي وجيه الدين عبد القادر بن يحيى بن عبد الله مكرم الجماعيخطيب جامع دحمان كبير وعضو أول مجلس للشورى بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ، المتوفىرحمه اللهسنة ١٤٠٣هـ ، قرأ عليه في سفينة النجا من مختصرات فقه الشافعية ، ولازمه ملازمة تامة ، فقد كان يمثل له شقيق الروح ، ولازم حضور حلقته التي كان يعقدها بجامع دحمان كبير منذ سنة ١٣٨١هـ ، حتى سنة ١٤٠٠هـ ، وكان ينوبه في الخطابة والصلاة بالناس بالجامع عند غيابه ، وظلا على صفاء ومحبة ووداد ، حتى توفي الشيخ ، فخلفه في الخطابة والامامة بالجامع ، وكان قد أجازه إجازة خاصة في رواية صحيح البخاري عنه ، وكتب له سنده في الرواية ، كما أجازه إجازة عامة فيما تجوز له روايته ودرايته .
* الشيخ العلامة القاضي محمد بن عبد الله بن علي عاموهمفتي الأحناف ، وآخر وزير للمعارف في العهد الملكيالمتوفى شهيدا سنة ١٣٨٢هـ ، على يد أدعياء ثورة سبتمبر ١٩٦٢م ، قرأ عليه مقدمة ملتقى الأبحر ، ومقدمة ابن عابدين .
وكان يحضر الدروس التي كانت تملى بمبرز القاضي عاموه بعد العشاء ، واستفاد منه معرفة الكتب المعتمدة في الفقه الحنفي ، بل كان يتولى في مبرزهم قراءة كتاب جامع الامام الترمذيرحمه الله .
كما كان يحضر درس التفسير الذي كان يمليه الشيخ العلامة علي بن عبد الله عاموهوالد القاضي محمد .
* شيخنا العلامة القاضي أحمد بن عثمان بن محمد بن عمر بن عبد العزيز مطير ، المتوفىرحمه اللهسنة ١٤١٥هـ ، قرأ عليه بعضا من متممة الأجرومية .
* شيخنا العلامة الأستاذ الكبير صغير بن سليمان بن حميد حكمي ، المتوفىرحمه اللهسنة ١٤٢١هـ ، قرأ عليه في بعض علوم اللغة والبلاغة .
* الفقيه العلامة الأستاذ الأديب عايش بن حسن مدني ، المتوفىرحمه اللهسنة ١٣٨٢هـ ، قرأ عليه في سفينة النجا ، وأخذ عنه الخط ، وغيره من العلوم والفنون الأولية .
* العلامة النحوي محمد بن أحمد قشاعة الصنعاني ، قرأ عليه في بعض علوم اللغة والبلاغة .
* الشيخ العلامة محمد بن أحمد فقيه الحنفي ، قرأ عليه بعضا من أصول السرخسي ، وأجازه إجازة عامة .
* السيد العلامة حسن بن أحمد بن عبد الباري بن أحمد بن محمد بن عبد الباري الأهدلمنصب المراوعةالمتوفىرحمه اللهسنة ١٤١٩هـ ، أجازه وأجاز شيخه العلامة القاضي عبد القادر بن يحيى مكرم ، وتلميذه العلامة أحمد بن محمد بن حسين عاموه إجازة عامة فيما يجوز له روايته ودرايته ، وأجاز الشيخين محمد وأحمد إجازة خاصة في رياض الصالحين للإمام النووي ، وذلك كما جاء في ترجمة السيد حسن بن أحمد بن عبد الباري المزبورة بقلم تلميذه السيد العلامة محمد بن محمد بن عبده سليمان الأهدلعافاه الله .
* الفقيه العلامة محمد بن عبد الخالق قبول الهندي ، أجازه إجازة خاصة في مؤلفه في الأصول ، وأخرى عامة .
* الشيخ العلامة جابر شماع ، أجازه إجازة خاصة في القراءات السبع .
* الأستاذ الكبير محمد بن فرج العديني ، المتوفى - رحمه اللهفي رمضان الماضي سنة ١٤٣٨هـ ، أخذ عنه في بعض علوم اللغة والأدب .
من كبار المشايخ الذين عاصرهم وصاحبهم وناقشهم وذاكرهم واستفاد منهم واستفادوا منه :
صاحبرحمه اللهجمعا لا يحصى من مشايخ العلم غير من ذكر ، منهم من قضى نحبه ، ومنهم من لا زال على قيد الحياة ، منهم : السيد العلامة أحمد بن محمد الأهدلمفتي الحديدة ومنصبها ، والشيخ العلامة عبد الله بن محمد مكرم ، وأخواه الفقيهين أحمد وخليل ، والفقيه العلامة أبكر بن امحمد بن أبكر بكيرة ، والشيخ عمر أحمد سيف ، والسيد العلامة يحيى بن عمر مقبول الأهدل المشهور بالضريرمفتي الدريهمي ، والشيخ العلامة أحمد بن عوض صديق ، وشيخنا العلامة محمد بن علي بن محمد العقيلي ، والشيخ العلامة الفقيه محمد بن علي بن سالم مرعيمفتي الحديدة حالياوشيخنا العلامة الأستاذ عبد الله بن إبراهيم الضحوي ، واخاه حسنا ، وشيخنا العلامة أحمد بن عبد الله الضامري ، والفقيه العلامة احمد بن عبد الباري عاموهمفتي الاحنافواللشيخ العلامة علي بن عمر الزيلعي ، والسيد العلامة حسن بن أحمد خيرات ، وغيرهم الكثير ممن لا سبيل إلى حصرهم ، من داخل الحديدة ومن خارجها ، ومن خارج اليمن ممن التقاهم في مواسم الحج .
وقد جالسهم ، وذاكرهم ، وناقشهم وناقشوه ، واستفاد من علومهم ، واستفادوا من علومه .
تدريسه وتلامذته:
وقد وهب حياته للتدريس في مسجد دحمان كبير وفي منزله ، لا متعة له ، ولا راحة إلا بذلك ، وتلامذته كثيرون لا سبيل إلى حصرهم أيضا ، ومن أجلهم الشيخ العلامة أحمد بن محمد بن حسين عاموه ، وولده الشيخ العلامة محمد بن أحمد بن محمد عاموه ، ، والشيخ العلامة حسن بن أحمد بن عوض صديق ، والشيخ العلامة علي بن أحمد شبيط ، والشيخ العلامة عادل بن سليمان بن أحمد عايش الضحوي ، والشيخ العلامة وائل النجار ، والشيخ العلامة وضاح بن عمر ثابت البناء وأخوه الفقيه العلامة وليد بن عمر بن ثابت البناء ، والشيخ عبد الحفيظ بن حسن النهاري ، غيرهم الكثير ، سوى طلبته في المدارس أيام كان مدرسا .
وقد شرفني - رحمه اللهباجازة خاصة في رواية صحيح البخاري عنه إجازة لفظية وخطية ، وأوصاني فيها بما يوصي به المشايخ طلابهم ، غير أنه لم يستجب لطلبي ابتداء ، بل قال لي: أنا لست أهلا لاجازتك ، أنا من يستجيز منكم ، تواضعا منه كما عهدناه دائما .
مشاركاته في حلقة صحيح البخاري ومناقشاته ومذاكرته:
وبعد أن وقع الخلاف حول رئاسة حلقة البخاري الرئيسية بين بني المكرم والشيخ محمد بن علي المرعي ، أيهم أحق برواية السند قرر الشيخ محمد حسين فقيرة فتح حلقة أخرى لقراءة الصحيح سنويا في جامع دحمان بسنده عن شيخه العلامة القاضي عبد القادر مكرم ، لزيادة الخير ، وجعل موعد بدايتها سابقا لموعد بداية حلقة الجامع الأم ليتسنى له المشاركة في حضور افتتاح حلقة الجامع وحضور الحلقة البدرية وحلقة الختم ، وظل مواظبا على حضور هذه الحلقات مثريا لها بالمذاكرات والنقاشات التي تفيد العوام ، وكانت لديه طاقة كبيرة للنقاش والمباحثة في مسائل الفقه ، مما كان يضايق بعض المشايخ فيطلبون الاستمرار في القراءة ، فكنت كثيرا ما أسمعهرحمه اللهيقول: (نحن لسنا متعبدين بتلاوة الحديث ، إنما نحن متعبدون بتلاوة القرآن وشرح الحديث وبيان ما فيه من أحكام فقهية للناس)
تواضعه :
وبرغم علو منزلته ورسوخ قدمه في العلم إلا أنه كان متواضعا شديد التواضع هاضما نفسه ، لا يرى لها أي حظ ، وكان إذا ذكر مسالة في حلقة العلم أو حلقة صحيح البخاري يقول: ما قول سادتي العلماء !!!!
وكان يفيض على طلبته من الألقاب ما يشجعهم على الاستمرار في طلب العلم ، كأسلوب من أساليب التربية والتحفيز .
وكان إذا التقاه أحد يتصارع معه مصارعة ، كل يريد تقبيل يد الآخر ، فإن غلبه الشخص قال: استغفر الله العظيم .
حياته العملية :
بدأت حياته العملية مدرسا في بداية العهد الجمهوري ، بمدرسة الوعي التربوي ، ثم انتقل للعمل في شركة النفط التي كانت تعرف بشركة المحروقات ، وظل بها حتى أحيل على المعاش ، لعله بداية الثمانينات .
كما ساهم مع مشايخ العلم في تخصيص جزء من وقت فراغه للتدريس في المعهد الديني المسائي الذي أنشأ في السبعينات من القرن الميلادي الماضي لرفع الأمية من ناحية ، ولتدريس علوم الشرع واللغة من ناحية أخرى .
وتم اختياره سنة ١٤٠٦هـ مأمونا شرعيا لحارة الشحارية والقصر ، خلفا للسيد العلامة عبد الرحمن الهجام - رحمه الله .
سماته وشمائله :
كان ذا سمات حسنة ، وأخلاق عالية ، وشيم كريمة ، تربى عليها منذ صباه ، وصقلها بالعلم ومجالسة العلماء - رضي الله عنهم - فلا تراه متأففا ولا متضجرا ، بل كان ذا همة عالية انصبت همته في التعليم والتدريس .
نعم لم نقف له على كتاب أو مؤلف لكن كل طالب من طلابه يمثل بحد ذاته كتابا ، بما يشتمل عليه من أخلاق الشيخ وعلومه .
مرضه ووفاته رحمه الله :
ولم يحل بينه وبين التدريس سوى ذلك المرض المزمن الذي أقعده طريح الفراش حوالي اربع سنوات ، فصبر واحتسب ، ولم يتبرم من قضاء الله ، حتى وافاه الأجل على أحسن حال وأطيبها في التاريخ المتقدم .
وأعقب بعد رحيله فراغا ، نسأل الله تعالى أن يؤهل من أهل العلم من يقوم مقامه ، ولعل تلميذه الشيخ محمد بن أحمد عاموه خير خلف لخير سلف ، نحسبه كذلك ، ولا نزكي على الله أحدا .
ذريته - حفظهم الله وبارك فيهم :
وقد توفي شيخنا عن أربعة من الولد أكبرهم الدكتور حسين فقيرة ، ويليه الأستاذ سعيد ، فالأستاذ عبد الودود ، ثم الأستاذ معاذبارك الله فيهم ورزقهم بر والديهم ، وجعل منهم من يرث العلم ، فلا يزال العلم متوارثا في بيت فقيرة منذ أمد ، ولا ينزع الله السر من أهله .
وهذا غيض من فيض من سيرة شيخنارحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته وأخلفه علينا وعلى الامة الإسلامية خيرا ، والهمنا الصبر والسلوان .

وإنا لله وإنا اليه راجعون
========
** اديب و باحث و مؤرخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لا حب هنا

 ‏‎لا حب هنا محمد شنيني بقش قد تتمايز أو تتغاير تسمية المحبوب و تسمية المبغوض و قد تتناوب تارات ايضا او قد تقتضى المصلحة شيئا من تجميل المبغ...