ما تيسر لي من سيرة الأستاذ والشاعر الكبير محمد العديني – رحمه الله
:
كتب :
أحمد حسن عياش يعقوب **
هو الأستاذ والشاعر الكبير الغني عن التعريف محمد فرج العديني .
ولد تقريبا بعد سنة ١٩٢٠م .
وقد تلقى دراسته الأولية بكتاتيب الحديدة ، ثم التحق بالمدرسة السيفية
، حتى تخرج منها .
ومن رفاق دربه وزملائه :
القاضي العلامة محمد عبد الله علي عاموه آخر وزير للمعارف في العهد الملكي
، وأخوه الأستاذ والشاعر الكبير عبد الرحمن عبد الله عاموه ، والأستاذ العزي سعيد المصوعي
، والأستاذ أحمد جابر عفيف ، وأستاذ الرياضيات الكبير مشهور حشابرة ، والأستاذ محمد
صالح عباس فتوح وأخوه علي صالح عباس فتوح والأستاذ علي أحمد فاضل ، والأستاذ محمود
كتري ، والأستاذ الفقيه الكبير صغير سليمان حكمي - رحمهم الله جميعا .
ومن زملائه أيضا الأستاذ مساوى أحمد من المراوعة ، الذي اشتهر عنه قوله
من قصيدة ألقاها أمام ولي عهد الإمام يحيى:
(نموت جميعا ويحيى الإمام)
حصل على العديد من الدورات التدريبية والتأهيلية .
تولى إدارة مكتب التربية والتعليم نهاية الستينات أو بداية السبعينات
.
حصد خلال مسيرته الحافلة بالعطاء العديد من الجوائز ، ونال الكثير من
دروع التكريم ، وآخر ذلك حصوله على درع وزارة الثقافة في الأول من إبريل سنة 2009م
.
ودرَّس في العديد من المدارس منذ ما قبل الثورة ، وآخر ذلك أنه كان مدرسا
لمادتي اللغة العربية والمنطق بمدرسة عمر بن عبد العزيز الثانوية بمديرية الميناء بمدينة
الحديدة .
وقد تخرج على يده قوافل من طلبة العلم ، منهم من قد وافاه الأجل ، ومنهم
من ينتظر ، حيث درَّس ثلاثة أجيال أو أكثر ، ومن أقدم من درس عليه شيخنا العلامة مفتي
الأحناف الفقيه محمد حسين إسماعيل فقيرة - عافاه الله - الذي شارك زملاءه وأساتذته
في العملية التعليمية قبل الثورة وبعدها .
وكذلك الأستاذ اللواء يوسف محمد الشحاري - نائب رئيس مجلس النواب السابق-
رحمه الله ، والأستاذ المنشد عبد الرحمن محمد بكيرة وأخوه الفقيه العلامة أبكر محمد
بكيرة - رحمهما الله - والأساتذة أولاد الشيخ العلامة عبد الله محمد مكرم محمد ويحيى
وعبد الرحمن وحسن ، وغيرهم الكثير ممن لا سبيل إلى حصرهم .
ومما يذكر عنه أن بعض طلابه كان يقول: (حينما يدخل الأستاذ محمد علينا
الفصل لأداء درسه في المنطق أو اللغة نشعر أننا أمام عملاق كبير من عمالقة العلم)
ثم عين أواخر السبعينات موجها للغة العربية لمدارس الحديدة .
أتهم أنه كان هو والأستاذ علي أحمد فاضل مشاركين في مظاهرات حركة القوميين
العرب في صنعاء ، لعله سنة ١٩٦٦ أو ١٩٦٧م ، وسجن مع الأستاذ علي فاضل بقلعة قصر غمدان
بصنعاء ، ومما قاله وهو في السجن :
يَا شَجَرَةَ الْبَلُوْسْ
قَطَّعُوْشْ النُّجُوْسْ
وَانَا مُقَيَّدْ وَمَحْبُوْسْ
وحصل ذات مرة جفوة بينه وبين الشيخ عبد الرحمن محمد علي عثمان - محافظ
الحديدة في ثمانينات القرن الميلادي الماضي فقال:
عَلَاقَةُ الشَّيْخِ بِالْأُسْتَاذِ تَحْتَظِرُ
مَهْلاً فَلَا خَوْف مِنْ ذَاكَ وَلَا حَذَرُ
ومن الدعابات الأدبية بينه وبين الأستاذ محمود كتري أن الأستاذ محمود
قال مخاطبا له بشعر المتنبي :
لَا تَشْتَرِ الْعَبْدَ إِلَّا وَالْعَصَا مَعَهُ
إِنَّ الْعَبِيْدَ لَأَنْجَاسٌ مَنَاكِيْدُ
فرد عليه الأستاذ محمد العديني ردا يدل على سرعة بديهته ، حيث رد عليه
ببيت من نفس القصيدة ، فقال :
مَا كُنْتُ أَحْسَبُنِيْ أَحْيَا إِلَى زَمَنٍ
يُسِيْءُ بِيْ فِيْهِ كَلْبٌ وَهْوَ مَحْمُوْدُ
فتصرف في البيت بتغيير لفظة (عَبْدٌ) إلى (كَلْبٌ)
وذات مرة زار الرئيس صالح الحديدة ، ولم يجد العديني في الحاضرين ، فقال
: ما لي لا أرى الهدهد .
فاتصلوا به ليحضر ، فحضر ، وأملى قصيدة لا يحضرني مطلعها ، جاء فيها:
أَنَا يَا قَائِدَ الْمَسِيْرَةِ طَيْرٌ
حَطَّمَتْ رِيْشَهُ الطَّوِيْلَ الْأَعَادِيْ
وَلَسْتَ مِمَّنْ يُصَنِّفُ النَّاسَ هَذَا
لَوْنُهُ أَحْمَرٌ وَهَذَا رَمَادِيْ
وحصل إثرها على عطية من الرئيس .
قام بزيارة بيروت والتقى بالكاتب والأديب والشاعر اللبناني الكبير أمين
نخلة وذلك في الثمانينات من القرن الميلادي الماضي .
وكان شاعرا فذا جزلا ، قرض الشعر منذ صباه ، وشارك في أكثر من مناسبة
ومؤتمر ، وأثرى المكتبة الأدبية بعطائه الأدبي ، بل ساهم في إثراء المكتبة الفنية بقصائد
غنائية ، منها ما قام بتلحينه وغنائه الموسيقار الكبير أحمد فتحي ، حيث اشتهرت له أغنيتان
:
الأولى : (عروس البحر) ومنها :
تَعَالَيْ يا عروسَ البحـ
ـرِ يا حسناءُ يا حُلْوَهْ
تعالي فالدُّنا خمرٌ
وأنتِ خلاصةُ النَّشوهْ
فأنتِ بخاطري لحنٌ
وأنتِ بِمِزْهَرِيْ غُنْوَهْ
عروسَ البحرِ ليْ قلبٌ
رقيقُ الطَّبعِ ولهانُ
يهيمُ إذا رأى حسناً
ويُرْوَى وهوَ ظمآنُ
سَلِيْ عينيكِ هل أغفى
على الهُدْبينِ شيطانُ
يغارُ يغارُ مِنْ نهـ
ـديكِ تفاحٌ ورمانُ
عروسَ البحرِ يا سمراءُ
يا أحلى مِنَ السُّمْرِ
وأشهى من ليالي الوصـ
ـلِ بعدَ الصَّدِّ والهجرِ
والثانية : (هذا فم أم شفق أحمر) ومنها :
هذا فمٌ أم شفقٌ احمرٌ
يفوحُ منهُ المسكُ والعنبرُ
ونهرُهُ السَّائلُ هل سائلٌ
يُسْقَى بِرَيَّاهُ ولا يُنْهَرُ
تساءلَ العنقودُ في نشوةٍ
جناهُ هل يُقْطَفُ أم يُهْزَرُ
تَمْتَمَتْ بينَ الرُّبَى وردةٌ
تُوْمِي إليهِ وهيَ تستفسرُ
مَنْ ساغهُ هل ريشةٌ أبدعتْ
تصويرَهُ أم قوَّةٌ أكبرُ
كما لحن هذين النصين سماعيا الأستاذ والمنشد والشاعر لكبير عبد الرحمن
محمد بكيرة - رحمه الله .
له ديوان شعر مخطوط سماه : (الشعر في موكب القائد) يمدح فيه الرئيس صالح
.
ولا زال شعره حبيس أوراقه ، وقد أرسل إليه الأستاذ الكبير والباحث والناقد
علوان مهدي الجيلاني لموافاته بإنتاجه الشعري لطباعته إبان الزخم الثقافي على إثر إعلان
صنعاء عاصمة الثقافة العربية ، إلا أن الأستاذ لم يستجب له .
له ترجمة مختصرة جدا بالموسوعة الحرة .
وظل – رحمه الله - معطاء في مجاله الأدبي والشعري ، ومرجعا في اللغة والأدب
، والمنطق ، حتى وافته منيته قبيل عصر أمس الجمعة ٢١ رمضان سنة ١٤٣٨هـ ، الموافق
١٦ يونيه ٢٠١٧م عن عمر يناهز المئة عام ، وصلي عليه بعد صلاة العصر بمسجد العليان بحارة
الهنود من مديرية الحوك بمحافظة الحديدة في جمع غفير يتقدمهم محافظ الحديدة حسن أحمد
الهيج ، وشيع جنازته المئات من طلبته وأصدقائه ومحبيه ، وخلف عددا من البنين والبنات
، منهم ولده شهاب ، الذي مارس التدريس كوالده في مادة اللغة العربية .
تغمد الله الفقيد بواسع الرحمة والمغفرة وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان
.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
** باحث و مؤرخ
استاذ محمد تستطيع اضافة معلومات اخرى عن فقيدنا الغالي في الموسوعة الحرة , او اعطائي ماتريد اضافتة و سأقوم باضافتة لاثراء سيرة استاذنا و معلمنا
ردحذف