لبعض الألفاظ والصيغ
في اللهجة التهامية
الأفعى في معتقد تهامة القديم
اللغز الذي لم يتكشف بعد
/ علي مغربي الأهدل
.............................
عبلة جيزان وجن حرض
في الجزء الشمالي من تهامة( شام تهامة
ومنطقة جيزان تتردد في اللهجة كلمتان بشكل ملفت الأمر الذي جعل منهما خصوصية لهجوية ترتبط بالمنطقة وهما كلمة :
- ( عبلة ) في لهجة أهل جيزان ، و( جن ) في لهجة شام تهامة من مور الى حرض
فمامعنى هذه الكلمات والى ماذا تحيل ؟
لنبدأ أولا بكلمة ( عبلة )
التي ترد كثيرا أثناء الكلام في لهجة أهل جيزان كتعبير عن الدهشة أو الإستغراب أوالتعجب من فعل أو قول فيقال " عبلة" وألا ياعبلة " و "عبلة وام العبل" ...الخ فماهو المعنى الدلالي الأقدم لهذه المفردة ؟
- العبل في اللغة كما ورد في لسان العرب
الضخم ومؤنثه عبلة " ومعروف أن عبلة
من مسميات النساء عند العرب
أما في اللهجة الجيزانية فيوحي معناها الدلالي الخفي أو يشير بأنها كائن مخيف فتعادل كلمة جن التي تردد في منطقة تهامة من وادي مور الى حرض كما سيأتي .
وقد سبقت الإشارة في أكثر من موضوع
الى وجود علاقة دينية وعقائدية قديمة بين تهامة والأفعى او الثعبان كمعبود او حيوان كان يحظى بقداسة كبيرة في العصور الموغلة في التاريخ
ويتضح ذلك من خلال الرواسب الثقافية التي تركها هذا المعتقد بشكل أوبآخر في الثقافة الشعبية وذاكرة الأرض .
والطريق الوحيد للإمساك بالمعنى الدلالي الدقيق والمتواري للفظ( عبل ، عبلة )في ظل غياب الأدلة العلمية هو اللغة باعتبارها جزء من الآثار وذلك من خلال تتبع المراحل والتطورات الصوتية التي مر بها اللفظ .
وكلمة ( عبلة ) في أصلها اللغوي ومعناها الدلالي الأقدم تعني( عفرة ، عفريه ،عفريته )مؤنث عفريت نوع أو فصيل من الجن
"قال الخليل: شيطان عِفْرِيةٌ وعِفْريتٌ، وهم العَفارِيَةُ والعَفارِيت، إِذا سَكّنْتَ الياء صَيَّرت الهاء تاء، وإِذا حرّكتها فالتاء هاء في الوقف؛ والعَفارةُ: الخُبْث والشَّيْطنةُ؛ وامرأَة عِفِرَّة. وفي التنزيل: قال عِفْرِيتٌ من الجِنّ أَنا آتِيكَ به؛ وقال الزمخشري: العِفْر والعِفْريةُ والعِفْرِيت والعُفارِيةُ القوي المُتَشيْطِن الذي يَعْفِر قِرْنَه، والياء في عَفِرِيةٍ وعُفارِيةٍ للإِلحاق بشرذمة وعُذافِرة، والهاء فيهما للمبالغة، والتاء في عِفْرِيتٍ للإِلحاق " وقد شبه الله عصا موسى التي تحولت الى حية عند اهتزازها بالجان " كأنها جان " والعصا في تهامة أحد رموز الأفعى التي كانت مقدسة عند قدماء التهاميين .
وعفري أو بني عفري قبيلة مازالت موجودة في تهامة ( عفارية)
والعفاريت في الأصل نوع من الأفاعي حيث هناك علاقة قوية بين الجن والأفاعي
وقد مرت كلمة ( أفعى ) بالعديد من التطورات الصوتية والتحولات اللفظية ف (أفعى) ( أفئى ، أفئا ) أصلها ( أفا )بفتح الفاء المشددة ، وأفا الشئ في اللهجة انتفخ وارتفع ، ولكن في مرحلة ما من مراحل التطور التي مر بها اللفظ تم فك التضعيف بالراء ليصبح (أفا أو أفو = أفر أفرو ( عفر
عفرو ( عفري) بإبدال الواو ياء
لذلك يقال في اللهجة (( جني/ عفري))
والأنثى (عفريه)( عفريت)بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء والمذكر عفري و عفريت والجمع عفاريت ولكن هناك صيغة
أقدم وهي لحوق الميم بآخر الاسم ( عفرم
أوعفريم ) وكانت هذه الميم قديما تأتي للتعريف
ثم اصبحت في مرحلة لاحقة تأتي للدلالة على التنكير ويكون الجمع ( عفارم ) أي عفاريت
وهذا معنى وأصل قولهم للشخص من باب
الإعجاب ( عفارم عليك ) والمعنى يحمل مدلولا دينيا وكأنه يقابل قولنا ( الله عليك
)في ثقافتنا الإسلامية .
وهذا يقودنا أيضا الى معرفة معنى وأصل
قولنا للشخص (أفا) عند الاستنكار وكذلك ( أفا عليك ) بمعنى الأفعى عليك أي تستر أو تحميك كتعويذة .
أما اللفظ ( عبلة ) فأصله ( عفره أو عفرت) ثم تم إبدال صوت الفاء باء مثل
فم أصلها بم ، وبضع بمعنى قطع تنطق فصع ، وكذلك تم ابدال صوت الراء لاما وهما من الأصوات المتوسطة اوالمائعة
التي تتبادل المواقع فيمابينها مثل إزميل
الإزميل تنطق في اللهجة إزمير أي أن عفرة ( عبرة)بعد الإبدال الصوتي أصبحت تنطق عبلة .
وهي فعلا تعني المرأة الضخمة الممتلئة وهذا المعنى في الأصل صفة مأخوذة من أنثى الأفعى الضخمة
وفي اللهجة تأتي كلمة عبل مرادفة لكلمة
ثعبن أو هما بمعنى واحد يقال " عبلت المرأة الخبزة وثعبنتها " أي جعلتها ممتلئة في إشارة الىحجم الثعبان القصير الضخم فكل معبول مثعبن وكل مثعبن معبول أي ممتلئ وهذا يدل أيضا على أن اللفظ ثعبان يعني الضخم او الممتلئ .
ثانيا : كلمة ( جن )
وتردد في أثناء الكلام كتعبير عن الدهشة
أو التعجب أو الاستنكار في لهجة أهل شام تهامة من وادي مور الى حرض كما أشرنا .
والجن مخلوقات نارية وشيطانية مستترة
لكن ومن خلال ماتقدم عن اللفظ عبلة
في لهجة أهل جيزان الإمتداد التاريخي والثقافي والجغرافي للمنطقة وعن علاقة تهامة على طول امتدادها بالأفعى كحيوان مقدس أو كمعبود خلال العصور الموغلة في القدم فنميل إلى أن المعنى المقصود الأقدم للكلمة عند إطلاقها هو (الأفعى
أو الحية) أو استحضار لذلك الكائن المقدس في المعتقد القديم لعك وقبائل تهامة .
وأن الكلمة في أصلها ( جان ) أي الأفعى
أو الحية العظيمة ففي لسان العرب
لابن منظور :
" الجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى: " تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو: الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الحيَّاتِ " .
وبهذا يكون للكلمة مدلول ديني وعقائدي
مرتبط بالأفعى بالدرجة الأولى ، فالجن والعفاريت والشياطين وفق ذلك المعتقد هي أنواع من الأفاعي التي كان لها حضورا عقائديا في الثقافة التهامية الأقدم
أما ماسر هذه العلاقة المتماثلة بين الأفاعي والجن ككائنات أرواحية غير مرئية فربما يعود ذلك الى الإشتراك في الصفات الضارة والإستتار والتخفي وتشكل الجن على هيئة الأفاعي والحيات
وسواء صح هذا الإفتراض أم لا فالأمر جدا ملفت ويحتاج الى بحث متعمق لكشف العلاقة بين الجن والأفاعي .
في اللهجة التهامية
الأفعى في معتقد تهامة القديم
اللغز الذي لم يتكشف بعد
/ علي مغربي الأهدل
.............................
عبلة جيزان وجن حرض
في الجزء الشمالي من تهامة( شام تهامة
ومنطقة جيزان تتردد في اللهجة كلمتان بشكل ملفت الأمر الذي جعل منهما خصوصية لهجوية ترتبط بالمنطقة وهما كلمة :
- ( عبلة ) في لهجة أهل جيزان ، و( جن ) في لهجة شام تهامة من مور الى حرض
فمامعنى هذه الكلمات والى ماذا تحيل ؟
لنبدأ أولا بكلمة ( عبلة )
التي ترد كثيرا أثناء الكلام في لهجة أهل جيزان كتعبير عن الدهشة أو الإستغراب أوالتعجب من فعل أو قول فيقال " عبلة" وألا ياعبلة " و "عبلة وام العبل" ...الخ فماهو المعنى الدلالي الأقدم لهذه المفردة ؟
- العبل في اللغة كما ورد في لسان العرب
الضخم ومؤنثه عبلة " ومعروف أن عبلة
من مسميات النساء عند العرب
أما في اللهجة الجيزانية فيوحي معناها الدلالي الخفي أو يشير بأنها كائن مخيف فتعادل كلمة جن التي تردد في منطقة تهامة من وادي مور الى حرض كما سيأتي .
وقد سبقت الإشارة في أكثر من موضوع
الى وجود علاقة دينية وعقائدية قديمة بين تهامة والأفعى او الثعبان كمعبود او حيوان كان يحظى بقداسة كبيرة في العصور الموغلة في التاريخ
ويتضح ذلك من خلال الرواسب الثقافية التي تركها هذا المعتقد بشكل أوبآخر في الثقافة الشعبية وذاكرة الأرض .
والطريق الوحيد للإمساك بالمعنى الدلالي الدقيق والمتواري للفظ( عبل ، عبلة )في ظل غياب الأدلة العلمية هو اللغة باعتبارها جزء من الآثار وذلك من خلال تتبع المراحل والتطورات الصوتية التي مر بها اللفظ .
وكلمة ( عبلة ) في أصلها اللغوي ومعناها الدلالي الأقدم تعني( عفرة ، عفريه ،عفريته )مؤنث عفريت نوع أو فصيل من الجن
"قال الخليل: شيطان عِفْرِيةٌ وعِفْريتٌ، وهم العَفارِيَةُ والعَفارِيت، إِذا سَكّنْتَ الياء صَيَّرت الهاء تاء، وإِذا حرّكتها فالتاء هاء في الوقف؛ والعَفارةُ: الخُبْث والشَّيْطنةُ؛ وامرأَة عِفِرَّة. وفي التنزيل: قال عِفْرِيتٌ من الجِنّ أَنا آتِيكَ به؛ وقال الزمخشري: العِفْر والعِفْريةُ والعِفْرِيت والعُفارِيةُ القوي المُتَشيْطِن الذي يَعْفِر قِرْنَه، والياء في عَفِرِيةٍ وعُفارِيةٍ للإِلحاق بشرذمة وعُذافِرة، والهاء فيهما للمبالغة، والتاء في عِفْرِيتٍ للإِلحاق " وقد شبه الله عصا موسى التي تحولت الى حية عند اهتزازها بالجان " كأنها جان " والعصا في تهامة أحد رموز الأفعى التي كانت مقدسة عند قدماء التهاميين .
وعفري أو بني عفري قبيلة مازالت موجودة في تهامة ( عفارية)
والعفاريت في الأصل نوع من الأفاعي حيث هناك علاقة قوية بين الجن والأفاعي
وقد مرت كلمة ( أفعى ) بالعديد من التطورات الصوتية والتحولات اللفظية ف (أفعى) ( أفئى ، أفئا ) أصلها ( أفا )بفتح الفاء المشددة ، وأفا الشئ في اللهجة انتفخ وارتفع ، ولكن في مرحلة ما من مراحل التطور التي مر بها اللفظ تم فك التضعيف بالراء ليصبح (أفا أو أفو = أفر أفرو ( عفر
عفرو ( عفري) بإبدال الواو ياء
لذلك يقال في اللهجة (( جني/ عفري))
والأنثى (عفريه)( عفريت)بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء والمذكر عفري و عفريت والجمع عفاريت ولكن هناك صيغة
أقدم وهي لحوق الميم بآخر الاسم ( عفرم
أوعفريم ) وكانت هذه الميم قديما تأتي للتعريف
ثم اصبحت في مرحلة لاحقة تأتي للدلالة على التنكير ويكون الجمع ( عفارم ) أي عفاريت
وهذا معنى وأصل قولهم للشخص من باب
الإعجاب ( عفارم عليك ) والمعنى يحمل مدلولا دينيا وكأنه يقابل قولنا ( الله عليك
)في ثقافتنا الإسلامية .
وهذا يقودنا أيضا الى معرفة معنى وأصل
قولنا للشخص (أفا) عند الاستنكار وكذلك ( أفا عليك ) بمعنى الأفعى عليك أي تستر أو تحميك كتعويذة .
أما اللفظ ( عبلة ) فأصله ( عفره أو عفرت) ثم تم إبدال صوت الفاء باء مثل
فم أصلها بم ، وبضع بمعنى قطع تنطق فصع ، وكذلك تم ابدال صوت الراء لاما وهما من الأصوات المتوسطة اوالمائعة
التي تتبادل المواقع فيمابينها مثل إزميل
الإزميل تنطق في اللهجة إزمير أي أن عفرة ( عبرة)بعد الإبدال الصوتي أصبحت تنطق عبلة .
وهي فعلا تعني المرأة الضخمة الممتلئة وهذا المعنى في الأصل صفة مأخوذة من أنثى الأفعى الضخمة
وفي اللهجة تأتي كلمة عبل مرادفة لكلمة
ثعبن أو هما بمعنى واحد يقال " عبلت المرأة الخبزة وثعبنتها " أي جعلتها ممتلئة في إشارة الىحجم الثعبان القصير الضخم فكل معبول مثعبن وكل مثعبن معبول أي ممتلئ وهذا يدل أيضا على أن اللفظ ثعبان يعني الضخم او الممتلئ .
ثانيا : كلمة ( جن )
وتردد في أثناء الكلام كتعبير عن الدهشة
أو التعجب أو الاستنكار في لهجة أهل شام تهامة من وادي مور الى حرض كما أشرنا .
والجن مخلوقات نارية وشيطانية مستترة
لكن ومن خلال ماتقدم عن اللفظ عبلة
في لهجة أهل جيزان الإمتداد التاريخي والثقافي والجغرافي للمنطقة وعن علاقة تهامة على طول امتدادها بالأفعى كحيوان مقدس أو كمعبود خلال العصور الموغلة في القدم فنميل إلى أن المعنى المقصود الأقدم للكلمة عند إطلاقها هو (الأفعى
أو الحية) أو استحضار لذلك الكائن المقدس في المعتقد القديم لعك وقبائل تهامة .
وأن الكلمة في أصلها ( جان ) أي الأفعى
أو الحية العظيمة ففي لسان العرب
لابن منظور :
" الجانُّ: ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثير في بيوت الناس. وفي الحديث: أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ، قال: هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت، واحدها جانٌّ، وهو الدقيقُ الخفيف: التهذيب في قوله تعالى: " تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، قال: الجانُّ حيَّةٌ بيضاء. أَبو عمرو: الجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانٌ، قال الزجاج: المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً، قال: وكانت في صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الحيَّاتِ " .
وبهذا يكون للكلمة مدلول ديني وعقائدي
مرتبط بالأفعى بالدرجة الأولى ، فالجن والعفاريت والشياطين وفق ذلك المعتقد هي أنواع من الأفاعي التي كان لها حضورا عقائديا في الثقافة التهامية الأقدم
أما ماسر هذه العلاقة المتماثلة بين الأفاعي والجن ككائنات أرواحية غير مرئية فربما يعود ذلك الى الإشتراك في الصفات الضارة والإستتار والتخفي وتشكل الجن على هيئة الأفاعي والحيات
وسواء صح هذا الإفتراض أم لا فالأمر جدا ملفت ويحتاج الى بحث متعمق لكشف العلاقة بين الجن والأفاعي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق